ولذلك كانوا يتكلمون معهم، ويناقشونهم في عقائدهم حديث الخبير الذي يعرف حقائق الشيء ظاهرًا وباطنًا ويدرك حاجته، ومراميه.
ج- تحليهم بحسن الخلق، والصبر الجميل ومراعاة حق مخاطبيهم في الفهم والمعرفة ولذلك كانوا يشرحون، ويوضحون ويجيبون على أي تساؤل يوجه إليهم.
د- اتصافهم بسرعة مواجهة المواقف المفاجئة، وحسن الحيلة، وبذلك تخلصوا من الانفعال والعصبية، وتمكنوا من تحقيق الغاية التي ذهبوا إليها.
هـ- تمتعهم بحسن الفهم، وحسن الخطاب، وحسن العرض، ولذلك كانوا يتكلمون مع من يحادثهم في مسائل هامة، في بداهة عالية، وهدوء رصين، ودقة ملتزمة بتعاليم الإسلام.
و صدقهم في الاعتقاد، ولذلك وفوا لإيمانهم، وحافظوا على حقوق محدثيهم وعرضوا قضيتهم بكل صدق، ووضوح، بلا تردد أو مداراة، وكانوا دعوة عملية صريحة.
ز- شجاعتهم الشخصية النابعة من ثقتهم في الله، واعتزازهم بالانتساب إليه جعلهم يؤكدون صدق الإسلام وإن خالف ما عليه الناس ويناقشون الملوك والرؤساء وهم فرادى، وسقط أبهة الملك، وقوة السلطان.
إن هذه الصفات جعلتهم سفراء لله ورسوله، حين تحدثوا مع من أرسلوا إليهم، يتضح ذلك حين ننظر في كلماتهم التي ذكروها لمن ذهبوا إليهم.
من ذلك ما ذكره دحية الكلبي لقيصر الروم، قال له:
"يا قيصر أرسلني من هو خير منك، والذي أرسله هو خير منه ومنك، فاسمع بذل، ثم أجب بنصح، فإنك إن لم تذلل لم تفهم، وإن لم تنصح لم تنصف.
قال: هات.
قال: هل تعلم أكان المسيح يصلي؟
قال: نعم.
قال: فإني أدعوك إلى من كان المسيح يصلي له، وأدعوك إلى من دبر خلق السماوات والأرض والمسيح في بطن أمه.