أدعوك إلى هذا النبي الأمي الذي بشر به موسى، وبشر به عيسى بن مريم بعده وعندك من ذلك آثاره، من علم تكفي من العيان، وتشفي من الخبر.
فإن أجبت كانت لك الدنيا والآخرة، وإلا ذهبت عنك الآخرة، وشوركت الدنيا، وأعلم أن لك ربًا يقصم الجبابرة، ويغير النعم.
فأخذ قيصر الكتاب فوضعه على عينيه ورأسه وقبله، ثم قال: أما والله ما تركت كتابًا إلا وقرأته، ولا عالمًا إلا سألته، فما رأيت إلا خيرًا، فأمهلني حتى أنظر من كان المسيح يصلي له، فإني أكره أن أجيبك اليوم بأمر أرى غدًا ما هو أحسن منه فأرجع عنه فيضرني ذلك، ولا ينفعني١.
ومنه أيضًا ما ذكره العلاء الحضرمي للمنذر بن ساوى ملك البحرين قال له:
يا منذر إنك عظيم العقل في الدنيا، فلا تصغرن عن الآخرة.
إن هذه المجوسية شر دين، ليس فيها تكرم العرب، ولا علم أهل الكتاب، ينكحون ما يستحيا من نكاحه، ويأكلون ما يتكره على أكله، ويعبدون في الدنيا نارًا تأكلهم يوم القيامة.
ولست بعديم عقل، ولا فاقد رأي فانظر.
هلى ينبغي لمن لا يكذب أن لا تصدقه؟!
ولمن لا يخون أن لا تأمنه؟!
ولمن لا يخلف أن لا تثق به؟!
فإن كان هذا هكذا، فهو هذا النبي الأمي، الذي والله لا يستطيع ذو عقل أن يقول: ليت ما أمر به نهى عنه، أو ما نهى عنه أمر به، أو ليته زاد في عفوه، أو نقص من عقابه، إن كل ذلك منه على أمنية أهل العقل وفكر أهل البصر.
فقال المنذر: قد نظرت في هذا الأمر الذي في يدي فوجدته للدنيا دون الآخرة ونظرت في دينكم فوجدته للآخرة والدنيا، فما يمنعني من قبول دين فيه أمنية الحياة وراحة الموت، ولقد عجبت أمس ممن يقبله، وعجبت اليوم ممن يرده، إن من إعظام من