وهذا ما لا بد منه للدعوة إلى الله تعالى في العصر الحديث.
لا يكفي تكليف الدعاة بالعمل في إقليم ما، وتركهم لشأنهم، مع أنهم لا يعرفون شيئًا عن طبيعة الإقليم، ولا عن سكانه، ولا عن الاتجاهات السائدة فيه.
لا يكفي ذلك، بل لا بد من معرفة الدعاة للبيئة التي سيدعون فيها معرفة شاملة لكافة النواحي "أناسًا، وطبعًا، وخلقًا، وتدينًا، وثقافة، وتحضرًا ... إلخ".
وهذه أمور تقوم على البحث المتعمق، والدراسة المسبقة.
وبناء على البحث والدراسة توضع الخطة الملائمة لإبراز أولويات الدعوة والوسائل المستخدمة، والأسلوب المناسب, والكيفية المثلى لكافة الظروف التي تهم الدعوة والدعاة.
إن التمهيد لعملية الدعوة بتوضيح الجوانب المشار إليها ضرورة في عصر يعتمد على التخطيط في سائر الأعمال، وهي ضرورة يؤكدها الإسلام ويؤيدها.
فقط خطط النبي صلى الله عليه وسلم لغزواته جميعًا، ففي غزوة بدر عرض الأمر على الأنصار، وعلى المهاجرين وأخذ موقع الغزوة برأي أصحابه.
وفي غزوة أحد أخذ الرأي، وشاور الصحابة، وحدد لكل مجموعة مكانها.
وهكذا في كل خطواته صلى الله عليه وسلم.
إن الرسائل النبوية أرسلت بعد معرفة من أرسلت إليهم، لتتناسب مع فكرهم، وواقعهم، فإن كانت الرسالة مرسلة إلى أحد من أهل الكتاب فإنها تشير إلى الإيمان بعيسى كجزء من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، نقرأ ذلك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة، وفيها يقول صلى الله عليه وسلم:"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة، أسلم فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس، السلام المؤمن، المهيمن، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله، وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة، الحصينة، فحملت بعيسى، خلقه الله من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده". ويقول صلى الله عليه وسلم لعظيم الروم بمصر: "أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين،