للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حرص عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدفن بجوار صاحبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه لينال من الجوار بعض الخير الذي لا يرجوه في غيره.

ومن المعلوم أن جمهرة من العلماء قالوا بأفضلية مكة المكرمة على المدينة المنورة نظرًا لمضاعفة ثواب العمل بمكة ووجود الكعبة بها من بدء الحياة البشرية من لدن آدم عليه السلام ولضعف حديث أن المدينة أحب البلاد إلى الله تعالى إلا أن الجميع متفقون على أن البقعة التي تضم الأعضاء الشريفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد دفنه أفضل من غيرها على الإطلاق، تليها في الأفضلية الكعبة ببنائها المعروف.

وقد حرم الله تعالى المدينة كما حرم مكة فلا يقطع شجرها، ولا يقتل صيدها يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاها، ولا يقتل صيدها" ١.

ويقول صلى الله عليه وسلم: "المدينة حرام، لا يختلي خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمن أشار لها وعرفها، ولا يصلح لرجل أن يحمل السلاح فيها إلا لقتال، ولا يصلح أن يقطع منها شجر إلا أن يعلف الرجل بعيره" ٢.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المدينة حرام ما بين عير إلى ثور" ٣.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحد جبل يحبنا ونحبه، اللهم إن إبراهيم عليه السلام حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها أي المدينة" ٤.

وفي المدينة المنورة قامت دولة الإسلام الأولى، ومنها انطلق الدعاة إلى كل مكان وانتشر الإسلام في العالم كله، والمسلم في كل زمان ومكان له في نفسه حب يسوقه إلى المدينة؛ لأنه يساق إلى المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لحب رؤيته صلى الله عليه وسلم والتعلم منه، وفي زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم للاقتداء بهديهم والسلام على نبيهم، ومن بعد ذلك للصلاة في مسجده والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، والتبرك بمشاهدة آثاره، وآثار


١ صحيح مسلم باب فضل المدينة ج٩ ص١٣٧.
٢ صحيح مسلم باب فضل المدينة ج٩ ص١٤١.
٣ صحيح البخاري كتاب الحج, باب حرم المدينة ج٣ ص٢٧١.
٤ صحيح البخاري بشرح فتح الباري باب أحد جبل يحبنا ج٤ ص٨٩.

<<  <   >  >>