أما غير المسلمين ... الأمر الذي أدى إلى زيادة حقد القرشيين على المسلمين في المدينة.
ولم يكن عجبًا أن يبدأ العدوان القرشي على المسلمين بعد نجاح الهجرة، الأمر الذي أدى إلى بدء الجهاد القتالي ضد أعداء الإسلام واستمرت الحركة بالدعوة حتى تم الإسلام، وكمل الدين، ونزل قول الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ١.
لم تكن مدة الرسالة المدنية طويلة لكنها رغم قصرها امتلأت بالحوادث العديدة، والمواقف الشاقة، والمواجهات المتنوعة، حتى أن العقل يندهش حين ينظر في المرحلة المدنية، ويرى ما حدث فيها.
لقد استمرت المرحلة المدنية عشر سنوات بدأت بالهجرة وانتهت بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلالها عاش المسلمون بالإسلام, وتحركوا به في العالمين.
لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال هذه السنوات العشر بكل ما كلف به على خير وجه أراده الله تعالى.
تلقى القرآن الكريم من جبريل عليه السلام ونقله كما تلقاه إلى أصحابه الذين اهتموا به حفظًا وفهمًا واتباعًا.
وبين لهم بسنته صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم حتى صار الإسلام معلومًا، مفصلا، كاملا، شاملا.
وربى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة على منهج الله تعالى، وبطريقة تتلاءم مع الواقع، وتلتقي مع الخصائص البشرية للإنسان.
وحول صلى الله عليه وسلم معايب الجاهلية إلى محاسن دينية بعد أن تسامى بها، وهذب حركتها وطهر غايتها، وضبط حركتها ووجهتها بتعاليم الله حتى صارت عونًا للمحتاج، وانتصارًا للعدل، والحرية، والكرامة.
وعرف الناس حقوقهم وواجباتهم، فقاموا بما عليهم، ونالوا ما لهم حتى ظهرت أمة الإسلام بحضارتها تباهي الدنيا بحقيقتها الرائعة التي حافظت على حقوق الفقراء والضعفاء