للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القدح في بطنه ليتساوى مع الصف, فاشتكى سواد وجع القدح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال له صلى الله عليه وسلم: "استقد مني".

وهنا اعتنق سواد النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بطنه.

فقال صلى الله عليه وسلم: "ما حملك على هذا يا سواد"؟.

قال سواد: يا رسول الله قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير١.

ولما أتم صلى الله عليه وسلم تعديل الصفوف، أصدر أوامره إلى جيشه، بأن لا يبدءوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة، ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال: "إذا أكثبوكم، يعني كثروكم فارموهم، واستبقوا نبلكم، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم"٢, ثم رجع إلى العريش ومعه أبو بكر، وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش.

وبعد أن سوى صلى الله عليه وسلم الصفوف، وتهيأ الجميع للقتال أرسل إلى القرشيين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فرصة أخيرة يقول لهم: "ارجعوا فإنه إن يل هذا الأمر مني غيركم أحب إليّ من أن تلوه مني، وأن آليه من غيركم أحب إليّ من أن آليه منكم".

فقال حكيم بن حزام: قد عرض نصحًا فاقبلوه، فوالله لا تنتصرون عليه بعدما عرض من النصح، فأبوا النصيحة، وأصروا على القتال٣.

وهكذا يبدو الخلق الإسلامي من توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم البدء في القتال، وعدم استعمال سلاح إلا إذا استعمله الأعداء أولا، فإن كان الرمي بالنبال يكون الرد بالنبال، وإن سلوا السيوف فلا مانع من الرد بها، وفي إرسال عمر لهم بيان تام لرغبة المسلمين في السلام الكريم الذي لا يضيع الحقوق.


١ سيرة النبي ج١ ص٦٢٦.
٢ صحيح البخاري. كتاب المناقب. باب غزوة بدر ج٦ ص٢٠٥.
٣ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ج٤ ص٥٣.

<<  <   >  >>