فلما علم أبو جهل بالرسالة قال: والله لا نرجع حتى نرد بدرًا فنقيم ثلاثًا فننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدًا بعدها.
وواصل جيش قريش مسيرته نحو بدر حتى وصل إلى العدوة القصوى فبات عندها. وقد قام القرشيون بعدد من العمليات عند بدر استعدادًا للقتال، إلا أن الله تعالى أخزاهم، وجعل تخطيطهم وسعيهم وبالا عليهم، يتضح ذلك من أعمالهم التالية:
١- اختيار المكان:
اختار القرشيون لأنفسهم مكانًا حيويًا نزلوا فيه عند العدوة القصوى في بطن الوادي حيث قربه من الماء، وأرضه صخرية لا تسيح فيه الأقدام، بينما نزل المسلمون في أرض رملية، بعيدًا عن الماء وذلك يمنعهم من الحركة، ويوقع بهم الظمأ.
اشتد الأمر بالمسلمين وأصابهم التعب والظمأ، بينما كان الماء وفيرًا لدى القرشيين، والأرض تحت أقدامهم صلبة وأراد الله تعالى بقدرته وحكمته أن يبدل الأمر ويغير الحال فأنزل في ليلة المعركة مطرًا كثيرًا ألحق الأذى بالكفار، ومنعهم من التقدم، وشق عليهم أن يتحركوا فوق الصخر المبلل بالماء أما المسلمون فقد تطهروا، وتصلب الرمل تحت أقدامهم وسهل المشي، وثبتت الأقدام، وملئوا أسقيتهم وشربوا، وسقوا إبلهم.
وهكذا تحولت مزية المكان الذي اختاره القرشيون إلى سوأة ألمت بهم.
٢- محاولة تخريب معسكر المسلمين:
نظر القرشيون إلى معسكر المسلمين فوجدوا أن المسلمين قد بنوا حوضًا وملئوه ماء وخربوا ما عداه فأرسلوا نفرًا منهم لهدم الحوض، وإسالة مائه فحاول المسلمون طردهم، ومنعهم من الاقتراب، فقال صلى الله عليه وسلم:"دعوهم يشربون، فما شرب أحد منهم يومئذ إلا قتل سوى حكيم بن حزام، فإنه لم يقتل وأسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان إذا اجتهد في اليمين فيما بعد يقول: لا والذي نجاني من يوم بدر وهكذا ضلت محاولة القرشيين في تخريب حوض المسلمين".
٣- معرفة عدد المسلمين:
اطمأنت قريش لمنزلتها في بدر فبعثت "عمير بن وهب الجمحي" للتعرف على مدى