للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من صورة سراقة بن مالك وقال لهم: يا معشر الناس لا يهمنكم خذلان سراقة فإنه كان على ميعاد من محمد، ولا يهمنكم قتل عتبة، وشيبة، فإنهم قد عجلوا، فواللات والعزى لا نرجع حتى نقيد محمدًا وأصحابه، ونربطهم بالحبال، ولا ألفين رجلا منكم قتل رجلا واحدًا منهم فقط، ولكن خذوهم أخذًا حتى نعرفهم سوء صنيعهم١.

اتسع نطاق المعركة، وأجهد المسلمون أعداءهم، والنبي في العريش يدعو على أعداء الله، ويحرض المسلمين على القتال، يقول لهم صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابرًا محتسبًا، مقبلا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة".

تعلق أمل المسلمون في معونة الله وبذلوا للنصر كل طاقتهم، وأخذوا في الاستعانة والدعاء حتى أتاهم المدد الإلهي العظيم، وعنه يقول الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} ٢.

وهكذا جاءت الملائكة في صورة متتابعة استجابة لاستغاثة المجاهدين في بدر.

يقول ابن إسحاق: خفق النبي صلى الله عليه وسلم خفقة في العريش فقال: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده ثنايا النقع٣.

وأخذ صلى الله عليه وسلم ينادي ربه ويقول: اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد في الأرض فما زال صلى الله عليه وسلم يهتف بربه، مادًا يديه، مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وأبو بكر رضي الله عنه يقول له: يا رسول الله بعض مناشدتك ربك، فإن الله منجز لك ما وعدك٤.

يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة قد سومت فسوموا، فأعلموا بالصوف في مغازهم وقلانسهم"، وكان أربعة يعملون في الزحوف، فكان حمزة معلمًا بريشة نعامة، وعلي معلمًا بصوفة بيضاء، والزبير معلمًا بعصابة صفراء، وأبو دجانة معلمًا بعصابة حمراء٥.


١ زاد المعاد ج٣ ص١٨٤.
٢ سورة الأنفال: ٩.
٣ سيرة النبي ج١ ص٦٣٢.
٤ صحيح مسلم بشرح النووي باب الأمداد بالملائكة في بدر ج١٢ ص٨٤، ٨٥.
٥ المغازي ج١ ص٧٦.

<<  <   >  >>