للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم أي يقاتلهم صلى الله عليه وسلم١.

وتكاثر المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرادوا قتله، رمى عتبة بن أبي وقاص -لعنه الله- رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أحجار فكسر حجر منها رباعيته اليمنى السفلى، وجرح شفته السفلى٢.

وشجه عبد الله بن شهاب الزهري في وجهه، وسال الدم من الشجة حتى أخضل الدم لحيته الشريفة٣.

ورماه عبد الله بن قَمِئة -بفتح القاف وكسر الميم وبعدها همزة- فشج وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته وعلاه بالسيف، وكان عليه درعان، فوقع صلى الله عليه وسلم في حفرة أمامه على جنبه، وهي من الحفر التي عملها أبو عامر الفاسق ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون، فأغمي عليه صلى الله عليه وسلم، فأخذه علي بن أبي طالب بيده ورفعه طلحة حتى استوى قائمًا فجحشت ركبتاه، ولم يصنع سيف ابن قمئة شيئًا إلا وهن الضربة بثقل السيف، ومكث صلى الله عليه وسلم يجد وهن الضربة على عاتقه شهرًا أو أكثر من شهر، ورمته جماعة كثيرة بالحجارة حتى وقع لشقه٤.

لقد دبت روح الإيمان في نفوس المسلمين ودفعتهم إلى قوة المجابهة، وطلب الشهادة في سبيل الله صادقين، مخلصين عندما رأوا الأعداء يقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد أدى ثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام هاتيك الضربات الموجعة، وهذا الحصار المحكم وتلك الرميات المتتابعة، أدى إلى عودة الروح إلى قلوب المؤمنين، فاندفعوا لحماية دينهم الذي تحملوا مسئوليته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرتضوا لأنفسهم الحياة الذليلة المهينة وبخاصة أن استشهادهم في سبيل الله يحقق لهم الحياة عند الله فرحين مستبشرين.

ذلك أن فريقًا من الصحابة حينما سمعوا صائحًا يقول: قتل محمد طار صوابهم، وانهارت عزيمتهم، فمر بهم أنس بن النضر، وقال لهم: ما تنظرون؟


١ المغازي ج١ ص١٦٠، ١٦١.
٢ صحيح البخاري كتاب المغازي باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ج٦ ص٢٠٣.
٣ المصدر السابق ج ٦ ص٢٠٤.
٤ البداية والنهاية ج٤ ص٢٩، ٣٠.

<<  <   >  >>