للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من أن يغير المشركون على المدينة فتهلك الذراري والنساء، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص لينظر وقال له: "إن ركبوا الإبل، وجنبوا الخيل فهو الظعن، وإن ركبوا الخيل، وجنبوا الإبل فهي الغارة".

ثم قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لئن ساروا إليها لأسيرن إليهم، ثم لأناجزنهم".

فذهب سعد يسعى إلى العقيق، فإذا هم قد ركبوا الإبل، وجنبوا الخيل بعدما تشاوروا حول نهب المدينة، فأشار عليهم صفوان بن أمية ألا يفعلوا، فإنهم لا يدرون ما يغشاهم، فعاد فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم١.

وقدم أبو سفيان مكة فلم يصل إلى بيته حتى أتى هبل فقال: قد أنعمت ونصرتني وشفيت نفسي من محمد وأصحابه، وحلق رأسه.

وكان أول من قدم مكة بخبر أحد، وانصراف المشركين عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فكره أن يأتيهم هزيمة أهلهم، فقدم الطائف وأخبر أن أصحاب محمد قد ظفروا وانهزمنا.

ثم قدم وحشي مكة فأخبرهم بمصاب المسلمين، ووقف على الثنية التي تشرف على الحجون فنادى: يا معشر قريش! أبشروا، قد قتلنا أصحاب محمد مقتلة لم يقتل مثلها في زحف قط، وجرحنا محمدًا فأثبتناه بالجراح، وقتل حمزة، فسروا بذلك.

وبعد انتهاء القتال أخذ المسلمون يتفقدون قتلاهم، ليقفوا على مدى مصابهم يقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أطلب سعد بن الربيع، فقال لي: "إن رأيته فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجدك"؟.

فجعلت أطوف بين القتلى، فأتيته، وهو بآخر رمق، وفيه سبعون ضربة، ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم، فقلت: يا سعد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول لك: "أخبرني كيف تجدك"؟.

فقال سعد: وعلى رسول الله السلام، قل له: يا رسول الله أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خلص عدوكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف، وفاضت نفسه من وقته فجاء زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره خبره٢.


١ فتح الباري ج٧ ص٣٤٧.
٢ المغازي ج١ ص٢٩٢، ٢٩٣.

<<  <   >  >>