إلى العالم كله، وعملوا على إبراز ما في دينهم من قوة ذاتية معنوية، بجوار استعدادهم لبذل أموالهم وأرواحهم لخدمة دين الله تعالى، وهؤلاء المتفائلون يبنون نظرتهم تلك على معطيات واقعية أهمها ما يلي:
١- بروز بطولة النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته وثباته في وجه أعدائه وإصراره على مقاتلتهم وحده مع أن الصحابة فروا عنه وتركوه، وتلك مسألة لا بد من وضوحها لبيان ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحمله في سبيل دين الله تعالى.
وتظهر شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم من ثباته وحيدًا أمام جيش قريش، وحرصه على قتل ابن الأشرف، بعدما أصيب وبقي وحده، وكان صلى الله عليه وسلم في حالة يفر فيها الأبطال المغاوير، وكان أبي بن خلف يتصور نفسه قادرًا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما جاءه فوجده جريحًا ووحيدًا.
فلقد أقبل أبي بن خلف يركض بفرسه حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترض له ناس من المسلمين ليقتلوه، فقال صلى الله عليه وسلم:"استأخروا عنه".
وقام صلى الله عليه وسلم وحربته في يده فرماه بها بين سابغة البيضة والدرع فطعنه صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع فوقع عن قوسه، وكسر ضلعًا من أضلاعه، فاحتملوه فمات لما ولوا قافلين بالطريق وتحقق بذل ما أنبأ به صلى الله عليه وسلم قبل "أحد".
وقصة ذلك النبأ أن أبي بن خلف قدم المدينة في فداء ابنه حين أسر يوم "بدر"، فقال: يا محمد إن عندي فرسًا أعلفها كمية كبيرة من ذرة كل يوم حتى أقتلك عليها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله".
وكان صلى الله عليه وسلم في القتال لا يلتفت وراءه وكان يقول لأصحابه:"كأني أخشى أن يأتي أبي بن خلف من خلفي، فإذا رأيتموه فآذنوني"، فإذا بأبي يركض على فرسه، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه، فجعل يصيح بأعلى صوته: يا محمد لا نجوت إن نجوت.
فقال القوم: يا رسول الله! ما كنت صانعًا حين يغشاك فقد جاءك! وإن شئت عطف عليه بعضنا.
فأبى صلى الله عليه وسلم ودنا أبي فتناول صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، ويقال من الزبير بن