للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأحابيش، وبني كنانة، وأهل تهامة بـ"مجمع الأسيال" المعروف بـ"وادي العقيق" ونزلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، والأعراب بـ"ذنب نقمى".

ومجمع الأسيال وذنب نقمى موقعان متجاوران عند "أحد"١, وهما الموضعان اللذان نزل فيهما الأحزاب.

ولما عسكرت الأحزاب حول المدينة قاطعهم بنو قريظة ودخلوا حصونهم، وأغلقوها عليهم, فخرج إليهم حيي بن أخطب النضري حتى أتى كعب بن أسد القرظي صاحب عقدهم وعهدهم، فلما سمع به كعب أغلق باب حصنه دون حيي فاستأذن عليه حيي، فأبى أن يفتح له.

فناداه حيي وقال: ويحك يا كعب، افتح لي.

قال له كعب: ويحك يا حيي، إنك امرؤ مشئوم، وإني قد عاهدت محمدًا فلست بناقض ما بيني وبينه، فإني لم أر منه إلا وفاء وصدقًا.

قال حيي: ويحك افتح لي أكلمك.

قال: ما أنا بفاعل.

قال: والله ما أغلقت دوني إلا خوفًا على جشيشتك أن آكل معك منها، فأحفظ الرجل بهذه المقالة ففتح له فقال: ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر، ومجد الدنيا.

قال: وما ذاك.

قال حيي: جئتك بـ"قريش" على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بـ"مجمع الأسيال" من رومة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بـ"ذنب نقمى" إلى جانب أحد قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا المدينة حتى نستأصل محمدًا ومن معه.

فقال كعب: جئتني والله بذل الدهر، وبجهام قد هراق ماؤه٢ يرعد ويبرق وليس فيه شيء، ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا وفاء وصدقًا فلم يزل حيي بكعب يناقشه، ويحاوره، ويمنيه حتى سمع له، ونقض عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم


١ البداية والنهاية ج٤ ص١٠٢ وذنب نقمى بفتح الذال والنون في ذنب، وفتح النون والقاف في نقمى.
٢ الجهام هو السحاب، والمعنى أنه سحاب لا ماء فيه.

<<  <   >  >>