وكان قدر الله تعالى مع حاجات الدعوة وواقعها، ومع آمال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين فأمرهم بالهجرة العامة من مكة إلى بلد آخر.
وقد سبق للمسلمين أن هاجر نفر منهم إلى الحبشة، تدريبًا لهم على ترك مكة، واكتشافًا لمعرفة حياة الآخرين ومذاهبهم، وليعلموا أن ترك الديار والأهل والمال والولد من أجل العقيدة والدين أمر مشروع، ولربما كان واجبًا حين لا يأمن المسلم على دينه وعقيدته.
وقد بلغ عدد المهاجرين إلى الحبشة قريبًا من ثمانين مسلمًا ومسلمة، ولذلك فهي هجرة خاصة في عدد المهاجرين وفي الأهداف المقصودة، أما الهجرة إلى المدينة فإنها تعرف بالهجرة العامة لأن جميع المسلمين كلفوا بها كما تعرف بالهجرة النبوية لأن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر فيها مع المسلمين.
ولما اشتد عنت الكفار، وغلظ عدوانهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه نزل أمر الله تعالى بالهجرة إلى المدينة, فهاجر إليها المسلمون جميعًا ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم١.