للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النمور، وقد نزلوا بذي طوى١ يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم أبدًا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم٢.

ثم قال: "من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم الذي هم فيه" ٣.

قال رجل من أسلم: أنا يا رسول الله.

فسلك الرجل بالمسلمين طريقًا وعرًا بين شعاب ملتوية، فساروا فيه محتملين المشاق، والصعاب حتى وصلوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي، وعندها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: "اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمض في طريق يوصلنا إلى ثنية المرار -مهبط الحديبية- من أسفل مكة". فسلك الجيش ذلك الطريق، فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا طريقهم ركضوا راجعين إلى قريش، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وصل المسلمون إلى ثنية المرار، وعندها بركت ناقته صلى الله عليه وسلم فقال الناس: خلأت.

فقال صلى الله عليه وسلم: "ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها" ٤.

ثم قال للناس: "انزلوا".

قيل له: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بالوادي ماء ينزل عليه.

فأخرج سهمًا من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه، فنزل به في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه، فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن، وعسكر المسلمون في الحديبية منتظرين أن يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم لأداء العمرة٥.


١ موضع عند مكة.
٢ المغازي ج٢ ص٥٨٠.
٣ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٦ ص٢١٠.
٤ الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد الشيباني باب غزوة الحديبية ج٢١ ص٩٦.
٥ المرجع السابق.

<<  <   >  >>