للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حتى قدمنا إلى رسول الله مع المهاجرين العائدين من الحبشة فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئًا إلا لمن شهد معه إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.

ولما قدم جعفر على النبي صلى الله عليه وسلم تلقاه وقبله، وقال: "والله ما أدري بأيهما أفرح؟ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر"؟ ١.

وكان قدوم هؤلاء على أثر بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري، يطلب توجيههم إليه، فأرسلهم النجاشي على مركبين، وكانوا ستة عشر رجلا، معهم من بقي من نسائهم وأولادهم، وبقيتهم رجعوا قبل ذلك لأنهم لما سمعوا بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع ثلاث وثلاثون رجلا وثماني نسوة، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس فيها سبعة، وشهد منهم أربعة وعشرون رجلا بدرًا.

وكانت صفية في السبايا حين قتل زوجها كنانة بن أبي الحقيق لغدره، ولما جمع المسلمون السبي جاء دحية بن خليفة الكلبي، فقال: يا نبي الله، أعطني جارية من السبي.

فقال صلى الله عليه وسلم: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي.

فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة وبني النضير، لا تصلح إلا لك.

قال: "ادعوه بها".

فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذ جارية من السبي غيرها" ٢.

وعرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها حتى إذا كان بسد الصهباء راجعًا إلى المدينة حلت، فجهزتها له أم سليم، وأهدتها له من الليل، فأصبح عروسًا بها، وأولم عليها بحيس من التمر والسمن والسويق.

ورأى صلى الله عليه وسلم بوجهها خضرة، فقال: ما هذا؟

قالت: يا رسول الله رأيت قبل قدومك علينا كأن القمر زال من مكانه، وسقط في حجري، ولا والله ما أذكر من شأنك شيئًا، فقصصتها على زوجي، فلطم وجهي،


١ زاد المعاد ج٣ ص٣٣٣.
٢ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٩ ص٤٠٤.

<<  <   >  >>