السبي والنعم والشاء، وفي السبي أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام، ووجد المسلمون في خزانة القلس ثلاثة أسياف وثلاثة أدرع، وفي الطريق قسموا الغنائم, وعزلوا الصفي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقسموا آل حاتم.
ولما جاءوا إلى المدينة استعطفت أخت عدي بن حاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم غاب الوافد، وانقطع الوالد، وأنا عجوز كبيرة، ما بي من خدمة، فمنّ عليّ منّ الله عليك.
قال:"من وافدك".
قالت: عدي بن حاتم.
قال:"الذي فر من الله ورسوله". ثم مضى، فلما كان الغد قالت مثل ذلك وقال لها مثل ما قال أمس، فلما كان بعد الغد قالت مثل ذلك، فمنّ عليها.
ورجعت أخت عدي بن حاتم إلى أخيها عدي بالشام، فلما لقيته قالت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها، ائته راغبًا أو راهبًا، فجاء عديّ بغير أمان ولا كتاب، فأتي به إلى داره صلى الله عليه وسلم، فلما جلس بين يديه حمد رسول الله به وأثنى عليه، ثم قال:"ما يفرك؟ أيفرك أن تقول: لا إله إلا الله؟ فهل تعلم مِن إله سوى الله"؟.
قلت: لا.
ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال:"إنما تفر أن يقال: الله أكبر فهل تعلم شيئًا أكبر من الله"؟.
قلت: لا.
قال:"فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضالون".
قلت: فإني حنيف مسلم، فانبسط وجهه صلى الله عليه وسلم فرحًا، وأمر بي فنزلت عند رجل من الأنصار، وجعلت آتي النبي صلى الله عليه وسلم طرفي النهار.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فيما يهديه، ويرشده قال لي:"إيه يا عدي بن حاتم، ألم تكن ركوسيًا"؟.