للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للهجرة ومعه بعيراهما وثالث له، وأتتهما أسماء بزاد السفر الذي لم تجعل له حبلا يعلق به، فشقت نطاقها نصفين جعلت أحدهما حبلا للزاد فسميت بذات النطاقين لذلك١.

٥- في الطريق إلى المدينة:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار بعد ثلاثة أيام، وقادهما الدليل إلى حيث يقصدون بكل أمان وصدق، وسيطر الحذر على الركب الكريم في مسيرته، وبرزت مواقف عديدة صنعها القدر الإلهي، وأبقاها عبرة، وعظة للناس, وأهم هذه المواقف ما يلي:

- استفاد الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة بخبرة رجل مشرك هو عبد الله بن أريقط، وأستأجره ليكون الدليل لمعرفته بالطرق ومساراتها, وهذا أمر جائز شرعًا لتعين الرجل لذلك العمل وعدم وجود أحد من المسلمين للقيام بهذا الدور، وأيضًا فإن في اختيار رجل مشرك لقيادة الرحلة من الأمور التي تعمي على أهل مكة طريق الهجرة لأنهم لا يتصورون مشركًا يقود محمدًا وصحبه في الطريق.

- لم يسلك الركب الطريق إلى المدينة بعد الخروج من الغار وإنما أمعن في الاتجاه إلى الجنوب، ثم اتجه غربًا نحو الساحل حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شمالا على مقربة من شاطئ البحر الأحمر.

- إن الطرق بين مكة والمدينة وعرة، موحشة، لا يرى فيها المسافر ما يخفف عناء السفر من زرع وماء، وأساسها طريقان:

أحدهما شرقي محاذ لبلاد نجد.

والآخر: غربي محاذ لساحل البحر الأحمر.

وقد اختار الدليل الطريق الثاني. بيد أنه لم يسلك جادة هذه الطريق طوال الرحلة بل كان يلتوي هنا وهناك تفاديًا من أن يلحقهم من يقفوا أثرهم من القرشيين ممن كان يطمع في الحصول على الجائزة التي قررتها قريش لمن يأتي بالرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد وصف ابن هشام الطريق الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه من جبل ثور إلى المدينة لإظهار مدى التخفي والاستتار الذي سلكه الدليل بركب الهجرة، فقال: إن


١ السيرة النبوية لابن هشام ج١ ص٤٨٥، ٤٨٦ بتصرف وقد أورد البخاري قصة الهجرة في حديث طويل رواه عن عائشة رضي الله عنها. انظر كتاب المناقب من صحيح البخاري ج٦٩ ص٢٠٦-٢١٠ ط الأوقاف.

<<  <   >  >>