ثالثًا: بيان صور المواجهة التي تمت بين المسلمين وبين أعدائهم من المنافقين واليهود والكفار، لإظهار مدى ملازمة الدعوة للحسن في التوجيه، والصدق في الطلب، وتقدير الإنسان بصورة عامة، وتوضيح أن الجهاد الإسلامي هو نصير العدل والحق والكرامة.
رابعًا: توضيح حركة النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة لبيان ما فيها من منهج شامل لكل جوانب الدعوة، وأركانها، واستنباط الفوائد التي يمكن الاستفادة بها في العصر الحديث.
وسوف اعتمد على المصادر الصحيحة لهذه المرحلة، وعلى رأسها القرآن الكريم الذي صور هذه المرحلة، وقدم تفصيلات عديدة للعهد المدني حتى قال بعضهم: إن القرآن الكريم هو الصحيفة اليومية المصورة للمسلمين في المدينة المنورة، تعيش حياتهم، وترشدهم للتي هي أقوم، وتعرفهم بخفايا النفوس، وتكشف طبائع الناس، وتحذرهم من مزالق الهوى، ومكائد الأعداء، من الجنة والناس، وتعرفهم بحكم الله كلما جد أمر أو وقع حدث، أو دعت الحاجة إليه.
لقد كان القرآن الكريم ينزل منجمًا حسب الوقائع والأحداث، ثم كان جمعه وسيلة بينه لتقويم الصورة الإسلامية بتمامها وكمالها، ومثاليتها، وواقعيتها، لتبقى أسوة للناس، وقدوة للعالمين.
ومع القرآن الكريم تكون السنة شارحه، ومبينة، ومصدرًا لهذه الحقبة الزمنية الرائدة.
ومن فضل الله تعالى أن مدة البعثة النبوية في مكة والمدينة نالت اهتمام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسلف الصالح من بعدهم، حيث وجد الرواة، والمحدثون، والمفسرون والفقهاء، وغيرهم يبذلون الجهد من أجل صيانة التراث الإسلامي كله، وبذلك كان حفظ أحداث مرحلة البعثة النبوية، وأحداث تاريخ الدعوة إلى الله تعالى.
إن معايشة مصادر هذه المرحلة تحتاج إلى العقل والفهم، والتحليل والاستنباط، وقوة الوعي وسرعة الإدراك، حتى لا يقع صاحب هذه المعايشة في الإسرائيليات، والأكاذيب التي وضعها أعداء الإسلام مع شروح المصادر الإسلامية.