فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أُمِرَتْ - أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ.
٣٧٤٢- وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَتْ عِنْدَهُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، وَكَانَ أَصْدَقَهَا حَدِيقَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِي أَعْطَاكِ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَزِيَادَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلا وَلَكِنْ حَدِيقَتَهُ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخَذَهَا لَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهَا؛ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: قَدْ قَبِلْت قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَقَالَ: سَمِعَهُ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابن عَبَّاس والرَّبِيع أَنَّ اسْمَهَا جَمِيلة وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لأَبِي الزُّبَيْر أَنَّ اسْمَهَا زَيْنَب. وَالرِّوَايَةُ الأُولَى أَصَحُّ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيث ابن عَبَّاس أَنَّهَا بِنْت سَلُول وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِلْبُخَارِي أَنَّهَا بِنْتُ أُبَي فَقِيل: إِنَّهَا أُخْتُ عَبْدُ اللهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابنُ الأَثِير وَتَبِعَهُ النَّوَوِي وَجَزَمَا بِأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا بِنْتُ عَبْدُ اللهِ وَهم.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: هُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ وَإِصْلاحٍ لا إيجَابٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَى صَرْفِ الأَمْرِ عَنْ حَقِيقَتِهِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَخْذٌ الْعِوَضِ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا كَرِهَتْ الْبَقَاءَ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: «تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً» اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ لا طَلاق. لَوْ كَانَ طَلاقًا لَمْ يَقْتَصِرْ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الأَمْرِ بِحَيْضَةٍ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ... {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ثُمَّ ذَكَرَ الِافْتِدَاءَ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ طَلاقٌ بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ مِنْ أَمْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِثَابِتٍ بِالطَّلاقِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ
مِنْ حَدِيثِ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْقِصَّةِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ: «وَخَلِّ سَبِيلَهَا» وَصَاحِبُ الْقِصَّةِ أَعْرَفُ بِهَا، وَأَيْضًا ثَبَتَ الأَمْرِ بِتَخْلِيَةِ السَّبِيلِ مِنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَبِلَفْظِ: «وَفَارِقْهَا» وَمِنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ عِنْدِ النَّسَائِيّ بِلَفْظِ: «وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا» وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاحِدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute