فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا. قَالَ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَتَنَحَّيْت فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا» . فَنَهَاهُ عَنْهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
٣٨٦٥- وَفِي رِوَايَةٍ: «دَعْهَا عَنْك» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَةْ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا وَحْدَهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ وَالأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَلَكِنَّهُ
قَالَ: يَجِبُ الْعَمَلُ عَلَى الرَّجُلِ بِشَهَادَتِهَا فَيُفَارِقُ زَوْجَتَهُ وَلا يَجِبُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَاكِمِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ لا يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ إلا شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالأَوَّلِ وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَسَائِرِ الأُمُورِ وَلا تَكْفِي شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا. إِلَى أَنْ قَالَ: وَالِاسْتِدْلالُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} لا يُفِيدُ شَيْئًا لأَنَّ الْوَاجِبَ بِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَلا شَكَّ أَنَّ الْحَدِيثَ أَخَصُّ مُطْلَقًا. إِلَى أَنْ قَالَ: فَالْحَقُّ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. انتهى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَعْرُوفَةُ بِالصِّدْقِ وَذَكَرَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ طِفْلاً خَمَس رَضَعَات قَبْل قَوْلِهَا وَيَثْبُتُ حُكْم الرَّضَاعِ الصَّحِيحِ. انْتَهَى.
بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ تُعْطَى الْمُرْضِعَةُ عِنْدَ الْفِطَامِ
٣٨٦٦- عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ - رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ - قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ قَالَ: «غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا ابْنَ مَاجَةْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute