كَفّ رَجُلٍ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ. وَهُوَ بِكَمَالِهِ لأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ.
٧- وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ وَهُوَ جُنُبٌ فَحَادَ عَنْهُ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: كُنْت جُنُبًا، فَقَالَ: «إنَّ الْمُسْلِمَ لا يَنْجُسُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.
٨- وَرَوَى الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِصَبِّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِوَضُوئِهِ عَلَى جَابِرٍ وَتَقْرِيرِهِ لِلصَّحَابَةِ عَلَى التَّبَرُّكِ بِوَضُوئِهِ، وَعَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لِلْوُضُوءِ إِلِى أَنْ قَالَ: فَإِنْ قَالَ الذَّاهِبُ إلَى نَجَاسَةِ الْمُسْتَعْمَلِ لِلْوُضُوءِ إنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ غَايَةُ مَا فِيهَا الدَّلالَةُ عَلَى طَهَارَةِ مَا تَوَضَّأَ بِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ. قُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَى غَيْرُ نَافِقَةٍ، فَإِنَّ الأَصْلَ أَنَّ حُكْمَهُ وَحُكْمَ أُمَّتِهِ وَاحِدٌ إلا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ يَقْضِي بِالاخْتِصَاصِ وَلا دَلِيلَ. وَأَيْضًا الْحُكْمُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ نَجِسًا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ يَلْتَزِمُهُ الْخَصْمُ فَمَا هُوَ؟
قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الْمُسْلِمَ لا يَنْجُسُ» . قَالَ الشَّارِحُ: تَمَسَّكَ بِمَفْهُومِهِ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهَادِي وَالْقَاسِمِ وَالنَّاصِرِ وَمَالِكٍ فَقَالُوا: إنَّ الْكَافِرَ نَجِسُ عَيْنٍ وَقَوَّوْا ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ طَاهِرُ الأَعْضَاءِ لاعْتِيَادِهِ مُجَانَبَةِ النَّجَاسَةِ بِخِلافِ الْمُشْرِكِ لِعَدَمِ تَحَفُّظِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَعَنْ الآيَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ نَجَسٌ فِي الاعْتِقَادِ وَالاسْتِقْذَارِ، وَحُجَّتُهُمْ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَرَقَهُنَّ لا يَسْلَمُ مِنْهُ مَنْ يُضَاجِعُهُنَّ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَحَدِيثُ الْبَابِ أَصْلٌ فِي طَهَارَةِ الْمُسْلِمِ حَيًّا وَمَيِّتًا.
وَفِيه مِنْ الْفَوَائِدِ مَشْرُوعِيَّةُ الطَّهَارَةِ عِنْدَ مُلابَسَةِ الأُمُورِ الْعَظِيمَةِ، وَاحْتِرَامُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَتَوْقِيرُهُمْ، وَمُصَاحَبَتُهُمْ عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ.
بَابُ بَيَانِ زَوَالِ تَطْهِيرِهِ
٩- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يَغْتَسِلَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» . فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute