وَالْحَدِيثِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحَاجَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِالْحَاجَةِ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ لا سِيَّمَا عِنْدَ كَثْرَةِ الْفُسَّاقِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لا يَلْزَمُهَا سَتْرُ وَجْهِهَا فِي طَرِيقِهَا وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ لِلآيَةِ.
قَوْلُهُ: «إنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلامُكِ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ النَّظَرُ إلَى سَيِّدَتِهِ وَأَنَّهُ مِنْ مَحَارِمِهَا يَخْلُو بِهَا وَيُسَافِرُ مَعَهَا وَيَنْظُرُ مِنْهَا مَا يَنْظُرُ إلَيْهِ مَحْرَمُهَا، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ عَائِشَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ كَالأَجْنَبِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَزَوُّجِهَا إيَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ.
بَابٌ فِي غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ
٣٤٤٥- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ - أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ -: يَا عَبْدَ اللَّهِ إنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي الطَّائِفِ فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ ... النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَدْخُلَنَّ هَؤُلاءِ عَلَيْكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٣٤٤٦- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا قَالَتْ: كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُخَنَّثٌ، قَالَتْ: وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً، قَالَ: إذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَا هُنَا لا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ هَذَا» . فَحَجَبُوهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ.
٣٤٤٧- وَأَخْرَجَهُ وَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُلُ كُلَّ جُمُعَةٍ يَسْتَطْعِمُ.
٣٤٤٨- وَعَنْ الأَوْزَاعِيِّ - فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ - فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ إذًا يَمُوتُ مِنْ الْجُوعِ؟ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ فَيَسْأَلُ ثُمَّ يَرْجِعُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (مُخَنَّثٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute