قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الأَوَّلُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الإِنْفَاقَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ أَفْضَلُ مِنْ الإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمِنْ الإِنْفَاقِ فِي الرِّقَابِ وَمِنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ
عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُؤْثِرَ زَوْجَتَهُ وَسَائِرَ قَرَابَتِهِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ إذَا فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ نَفْسِهِ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ إنْفَاقُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَقَدْ انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ إذَا فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَعَلَى ذَوِي قَرَابَتِهِ، ثُمَّ إذَا فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالْفَاضِلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ مَئُونَة الأَبَوَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ.
قَوْلُهُ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِك» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الأَبَ نَفَقَةُ وَلَدِهِ الْمُعْسِرِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا فَذَلِكَ إجْمَاعٌ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيلَ: نَفَقَتُهُ عَلَى الأَبِ وَحْدَهُ دُونَ الأُمِّ، وَقِيلَ: عَلَيْهِمَا حَسَبُ الإِرْثِ.
قَوْلُهُ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِك» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْخَادِمِ.
بَابُ اعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجِ فِي النَّفَقَةِ
٣٨٧٠- عَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فَقُلْت: مَا تَقُولُ فِي نِسَائِنَا؟ قَالَ: «أَطْعِمُوهُنَّ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُنَّ مِمَّا تَكْتَسُونَ، وَلا تَضْرِبُوهُنَّ وَلا تُقَبِّحُوهُنَّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الزَّوْجِ فِي النَّفَقَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} .
بَابُ الْمَرْأَةِ تُنْفِقُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ إذَا مَنَعَهَا الْكِفَايَةَ
٣٨٧١- عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِنْدًا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إلا مَا أَخَذْت مِنْهُ وَهُوَ لا يَعْلَمُ. فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ