الاخْتِيَارَات: وَيفطرُ بِإِخْرَاجِ الدَّمّ بِالحِجَامَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدُ، بِالْفَصْدِ وَالتَّشْرِيطِ، وَهُوَ وَجْهٌ لَنَا، وَبِإِرْعَافِ نَفْسَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيُّ، وَيفطر الحَاجِم إِنْ مَصَّ القَارُورَة. انتهى. والله أعلم.
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَيْءِ وَالِاكْتِحَالِ
٢١٣٧- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.
٢١٣٨- وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوِّحِ عَنْ النَّوْمِ، وَقَالَ: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ قَرِيبٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: هُوَ صَدُوقٌ.
قَالَ الشَّارِحُ: قَوْلُهُ: «مَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا» أَيْ اسْتَدْعَى الْقَيْءَ وَطَلَبَ خُرُوجَهُ تَعَمُّدًا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُ مَنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَيَبْطُلُ صَوْمُ مَنْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَهُ وَلَمْ يَغْلِبْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ تَعَمُّدَ الْقَيْءِ يُفْسِدُ الصِّيَامَ.
قَوْلُهُ: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ» . قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى فَقَالَا: إنَّ الْكُحْلَ يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَخَالَفَهُمْ الْعِتْرَةُ وَالْفُقَهَاءُ وَغَيْرِهم فَقَالُوا: إنَّ الْكُحْلَ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ. وَأَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْكُحْلَ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَفِي إسْنَادِهِ بَقِيَّةُ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ الْأَصْلِيَّةَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ،
وَلَيْسَ فِي الْبَابِ مَا يَصْلُحُ لِلنَّقْلِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ أَنْ شَدَّ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ عَضُدِهَا، وَهِيَ عَلَى فَرْضِ صَلَاحِيَّةِ حَدِيثِ الْفِطْرِ مِمَّا دَخَلَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ يَكُونُ اكْتِحَالُ النَّبِيِّ مُخَصِّصًا لِلْكُحْلِ، وَكَذَلِكَ عَلَى فَرْضِ صَلَاحِيَّةِ حَدِيثِ الْبَابِ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْكُحْلِ الْمُطَيِّبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَوِّحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute