إمَامَةِ الْأَعْمَى، وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَالْغَزَالِيُّ بِأَنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى أَفْضَل مِنْ إمَامَة الْبَصِير لِأَنَّهُ أَكْثَرُ خُشُوعًا مِنْ الْبَصِيرِ، وَرَجَّحَ الْبَعْضُ أَنَّ إمَامَةَ الْبَصِيرِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَشَدُّ تَوَقِّيًا لِلنَّجَاسَةِ، وَاَلَّذِي فَهَمَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ ... نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ سَوَاءٌ فِي عَدَم الْكَرَاهِيَةِ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَضِيلَةً، غَيْرُ أَنَّ إمَامَةَ الْبَصِيرِ أَفْضَلُ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ جَعَلَهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إمَامًا الْبُصَرَاءُ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي حَدِيث عِتْبَانُ فَوَائِدٌ: مِنْهَا إمَامَةُ الْأَعْمَى، وَإِخْبَارُ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ عَاهَةٍ، وَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَطَرِ وَالظُّلْمَةِ، وَاِتِّخَاذُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ لِلصَّلَاةِ وَإِمَامَة الزَّائِرِ إذَا كَانَ هُوَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ، وَالتَّبَرُّكُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا - صلى الله عليه وسلم -، وَإِجَابَةُ الْفَاضِلِ دَعْوَةَ الْمَفْضُولِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِمَامَةِ سَالِمٍ بِهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ عَلَى جَوَازِ إمَامَةِ الْعَبْدِ. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ إجْمَاعُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ الْقُرَشِيِّينَ عَلَى تَقْدِيمِهِ. وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِإِمَامَةِ مَوْلَى عَائِشَةَ لِأُولَئِكَ لِمِثْلِ ذَلِكَ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي إمَامَةِ الْفَاسِقِ
١٤٢٩- عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا، وَلَا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَوْطَهُ أَوْ ... سَيْفَهُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
١٤٣٠- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
١٤٣١- وَعَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ... «الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَالصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ ومَعْنَاهُ، وَقَالَ مَكْحُولٌ لَمْ يَلْقَ أَبَا هُرَيْرَةَ.
١٤٣٢- وَعَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَكَّاءِ قَالَ: أَدْرَكْتُ عَشَرَةً مِنْ أَصْحَابِ ... النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يُصَلِّي خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ ثَبَتَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنْ بَقِيَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute