للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١٨١- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى مَرَّ. بِغَدِيرٍ فِي الطَّرِيقِ وَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ: فَعَطِشَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ وَتَتُوقُ أَنْفُسُهُمْ إلَيْهِ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَأَمْسَكَهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ، ثُمَّ شَرِبَ فَشَرِبَ النَّاسُ. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ بَعْدَ أَنْ نَوَى الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ. وَقَالَ أيضًا: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَضِيلَةَ الْفِطْرِ لَا تَخْتَصُّ بِمَنْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ أَوْ خَشِيَ الْعُجْبَ وَالرِّيَاءَ أَوْ ظَنَّ بِهِ الرَّغْبَةَ عَنْ الرُّخْصَةِ بَلْ

يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ لِيُتَابِعَهُ مَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَيَكُونُ الْفِطْرُ فِي تِلْكَ الْحَالِ فِي حَقِّهِ أَفْضَلَ لِفَضِيلَةِ الْبَيَانِ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: «وَمَا كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَشْرَبَ» .

بَابُ مَنْ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ هَلْ يُفْطِرُ فِيهِ، وَمَتَى يُفْطِرُ؟

٢١٨٢- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ إلَى حُنَيْنٌ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ، فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَوْ رَاحَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ النَّاسُ فَقَالَ الْمُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

٢١٨٣- وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ سَفَرًا وَقَدْ رُحِّلَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ، فَقُلْتُ لَهُ: سُنَّةٌ؟ فَقَالَ: سُنَّةٌ ثُمَّ رَكِبَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

٢١٨٤- وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بُصْرَةَ الْغِفَارِيِّ فِي سَفِينَةٍ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ فَدَفَعَ، ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ: اقْتَرِبْ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ بَيْنَ الْبُيُوتِ؟ فَقَالَ أَبُو بُصْرَةَ: أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.؟ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

قَوْلُهُ: (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ إلَى حُنَيْنٌ) . قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ: صَوَابُهُ خَيْبَرُ أَوْ مَكَّةُ لِأَنَّهُ قَصَدَهُمَا فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَأَمَّا حُنَيْنٌ فَكَانَتْ بَعْدَ الْفَتْحِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. انْتَهَى.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَا هُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ الْإِفْطَارُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ لِقَوْلِهِ فِيهِ: (فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ) .

قَوْلُهُ: (مِنْ الْفُسْطَاطِ) هُوَ اسْمُ عَلَمٍ لِمِصْرِ الْعَتِيقَةِ الَّتِي بَنَاهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرَادَ السَّفَرَ مِنْهُ. انْتَهَى. قَالَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: لا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرَ حَتَّى يُخَلَّفَ الْبُيُوتَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>