الشَّارحُ رحمه الله: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلاةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الأَكْثَرِ، بَلْ حَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَتْوَى، وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمْ خِلافٌ.
قَوْلُهُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاةٍ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ.
بَابُ اسْتِحْبَابِ الطَّهَارَةِ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهِ
٣٥٤- عَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَوَضَّأُ - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «إنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْك إلا أَنِّي كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلا عَلَى طَهَارَةٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِنَحْوِهِ.
٣٥٥- وَعَنْ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٣٥٦- وَمِنْ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ.
٣٥٧- وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ. وَسَنَذْكُرُهُمَا.
٣٥٨- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا النَّسَائِيّ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ) قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الذِّكْرِ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد (
وَهُوَ يَبُولُ) ، وَيُعَارِضُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: (لا يَحْجِزُهُ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ) ، فَإِذَا كَانَ الْحَدَثُ الأَصْغَرُ لا يَمْنَعُهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ كَانَ جَوَازُ مَا عَدَاهُ مِنْ الأَذْكَارِ بِطَرِيقِ الأَوْلَى.
بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ
٣٥٩- عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَتَيْت مَضْجَعَك