الذِّمَّة إِذَا كَانُوا فِي سَفَر لَيْسَ فِيهِ غَيْرِهِمْ هَذِهِ ضَرُورَة يَقْتَضِي هَذَا التَّحْمِيل قُبُولَهَا فِي كُلِّ ضَرُورة حَضَرًا وَسَفَرًا وَصِيَّةً وَغَيْرَهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ كَمَا تُقْبَلُ شِهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ إِذَا اجْتَمَعْنَ فِي الْعُرْسِ وَالْحمام وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْر بن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أَحْمَدُ فِي شَهَادَةِ الْكُفَّارِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ضَرُورَة غَيْرَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ رِوَايَتَانِ لَكِنْ التَّحْلِيف هُنَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لا تَحْلِيفَ لأنَّهُمْ إِنَّمَا يَحْلِفُونَ حَيْثُ يَكُونُ شِهَادَتَهُمْ بَدَلاً فِي التَّحْمِيلِ، بِخِلاف مَا إِذَا كَانُوا أُصُولاً قَدْ عَمَلُوا مِنْ غَيْرِ تَحْمِيلِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي مَوْضِع آخر: وَلَوْ قِيلَ: تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ مَعْ إِيمَانِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ عدم فِيهِ الْمُسْلِمُونَ لَكَانَ وَجْهًا وَنُكُونُ شِهَادَتَهُمْ بَدَلاً مُطَلَّقًا وَإِذَا قَبِلْنَا شِهَادَةَ الْكُفَّارِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ فَلا يَعْتَبِرْ كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ
الْقُرْآن وَتُقْبَلْ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضْ، وَهُوَ رِوَايَةُ عن أَحْمَد اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابَ فِي انْتِصَارُهُ وَمَذْهَبْ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةَ مِن الْعُلَمَاء وَلَوْ قِيلَ إِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ مَعَ شَهَادَتِهِمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض كَمَا يَحْلِفُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي وَصِيَّةِ السَّفَرِ كَانَ مُتَوَجِّهًا.
بَابُ الثَّنَاءِ عَلَى مَنْ أَعْلَمَ صَاحِبَ الْحَقِّ بِشَهَادَةٍ لَهُ عِنْدَهُ
وَذَمِّ مَنْ أَدَّى شَهَادَةً مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ
٥٠٠١- عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ، الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.
٥٠٠٢- وَفِي لَفْظِ: «الَّذِينَ يَبْدَءُونَ بِشَهَادَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْأَلُوا عَنْهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
٥٠٠٣ - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» . قَالَ عِمْرَانُ: فَلا أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً: «ثُمَّ إنَّ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلا يَسْتَشْهِدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ، وَيُنْذِرُونَ وَلا يُوفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ» . مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute