للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُلْقِي بِنَفْسِهِ فِي الْغَمْرَةِ، وَغَمْرَةُ الشَّيْءِ شِدَّتُهُ وَمُزْدَحِمُهُ، الْجَمْعُ غَمَرَاتٍ. وَالْمُرَادُ بِالْمُغَامَرَةِ هُنَا الْمُخَاصَمَةُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّكْبَةَ لَيْسَتْ عَوْرَةً. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:

وَالْحُجَّةُ مِنْهُ أَنَّهُ أَقَرَّهُ عَلَى كَشْفِ الرُّكْبَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ.

بَابُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ كُلَّهَا عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا

٦٦٩- عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.

٦٧٠- وَعَنْ أُمّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَلَيْسَ عَلَيْهَا إزَارٌ؟ ، قَالَ: «إذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

٦٧١- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا» . قَالَتْ: إذَنْ يَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

٦٧٢- وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلْنَهُ عَنْ الذَّيْلِ، فَقَالَ: «اجْعَلْنَهُ شِبْرًا» . فَقُلْنَ: إنَّ شِبْرًا لا يَسْتُرُ مِنْ عَوْرَةٍ. فَقَالَ: «اجْعَلْنَهُ ذِرَاعًا» .

قَوْلُهُ: «لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَائِضُ: مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْمَحِيضِ. وَالْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْمَرْأَةِ لِرَأْسِهَا حَالَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ عَوْرَةِ الْحُرَّةِ فَقِيلَ: جَمِيعُ بَدَنِهَا مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ. وَقِيلَ: وَالْقَدَمَيْنِ وَمَوْضِعِ الْخَلْخَالِ. وَقِيلَ: بَلْ جَمِيعُهَا إلَّا الْوَجْهَ. وَقِيلَ: جَمِيعُهَا بِدُونِ اسْتِثْنَاءٍ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مَا وَقَعَ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} . وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: «لَا يَقْبَلُ» صَالِحٌ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ كَمَا قِيلَ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>