للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ. وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَرَ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ» الْبَشَرُ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالْوَاحِدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْهُمْ، أَتَى بِهِ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنْ كَانَ رَسُولاً فَإِنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ غَيْبٍ حَتَّى لا يَخْفَى عَلَيْهِ الْمَظْلُومُ مِنْ الظَّالِمِ.

قَوْلُهُ: «أَلْحَنَ» : أَيْ أَبْلَغُ.

قَوْلُهُ: «فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» أَيْ لِلَّذِي قَضَيْت لَهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ إذَا كَانَ فِي الْبَاطِنِ لا يَسْتَحِقُّهُ فَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ يَئُولُ بِهِ إلَى أَهْلِ النَّارِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إثْمِ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ، وَأَنَّ مَنْ احْتَالَ لأمْرٍ بَاطِلٍ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْحِيَلِ حَتَّى يَصِيرَ حَقًّا فِي الظَّاهِرِ وَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ أَنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ تَنَاوُلُهُ وَلا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الإِثْمُ. وَقَدْ حَكَى الشَّافِعِيُّ الإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لا يُحَلِّلُ الْحَرَامَ. وَفِيهِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا أَخْطَأَ لا يَلْحَقُهُ إثْمٌ بَلْ يُؤْجَرُ أَنَّه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْضِي بِالاجْتِهَادِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ لا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ. وَسَيَأْتِي الْكَلامُ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. انْتَهَى مُلَخْصًا.

بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ الْوَاحِدِ

٤٩٨٥ - فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ فَتَعَلَّمَ كِتَابَ الْيَهُودِ وَقَالَ: حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُتُبَهُ وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ إذَا كَتَبُوا إلَيْهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ، فَقُلْتُ: نُخْبِرُكَ بِاَلَّذِي صَنَعَ بِهَا قَالَ: وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ تَرْجَمَةِ وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجَازَ الأكْثَرُ تَرْجَمَةَ وَاحِدٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ كَالْبَيِّنَةِ. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>