لَإِدْبَارِ الْحَيْضَةِ هُوَ الْحَقُّ، لِفَقْدِ الدَّلِيلِ الصَّحِيحِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا التَّكْلِيفِ الشَّاقِّ، فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَقُومُ فيِمَا دُونَهُ فِي الْمَشَقَّةِ إلَّا خُلَّصُ الْعُبَّادِ، فَكَيْفَ بِالنِّسَاءِ النَّاقِصَاتِ الْأَدْيَانِ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ أَحَادِيثِ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ.
قَوْلُهُ: «فَلَمَّا جَهَدَهَا ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ» . قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَالِاقْتِصَارُ
عَلَى غُسْلٍ وَاحِدٍ لَهُمَا، وَقَدْ أُلْحِقَ بِالْمُسْتَحَاضَةِ الْمَرِيضُ وَسَائِرُ الْمَعْذُورِينَ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ:
وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الْجَمْعِ لِلْمَرْضَى.
بَابُ غُسْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ
٤٢٣- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ثَقِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» . قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ» فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» . قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ. فقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ» ؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَتْ إرْسَالَهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ. وَتَمَامُ الْحَدِيثِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ لَهُ فَوَائِدُ مَبْسُوطَةٌ فِي شُرُوحِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ هَا هُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الِاغْتِسَالِ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ مُثْقَلٌ بِالْمَرَضِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَأْكِيدِ اسْتِحْبَابِهِ.
بَابُ صِفَةِ الْغُسْلِ
٤٢٤- عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute