قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلامَ عَلَى فِقْهِهَا، وَإِنَّمَا سَاقَهَا الْمُصَنِّفُ هَا هُنَا لِلاسْتِدْلالِ بِهَا عَلَى مَا تَرْجَمَ الْبَابَ بِهِ وَهُوَ الْحَفْرُ لِلْمَرْجُومِ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ حَفِيرَةٌ لا يُمْكِنُهُ الْوُثُوبُ مِنْهَا وَالْمُثْبَتُ عَكْسُهُ. إلى أن قَالَ: وَعَلَى فَرْضِ عَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ فَالْوَاجِبُ تَقْدِيمُ رِوَايَةِ الإِثْبَاتِ عَلَى النَّفْيِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ تَأْخِيرِ الرَّجْمِ عَنْ الْحُبْلَى حَتَّى تَضَعَ
وَتَأْخِيرِ الْجَلْدِ عَنْ ذِي الْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ زَوَالُهُ
٤٠٥١- وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ مِنْ الأَزْدِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي، فَقَالَ: «وَيْحَكِ ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ» . فَقَالَتْ: أَرَاك تُرِيدُ أَنْ تُرَدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزَ ابْنَ مَالِكٍ، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ» ؟ قَالَتْ: إنَّهَا حُبْلَى مِنْ الزِّنَا. قَالَ: «أَنْتِ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهَا: «حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ» . قَالَ: فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ. قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: قَدْ وَضَعَتْ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَ: «إذًا لا نَرْجُمُهَا وَتَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ» . فَقَامَ رَجُلٌ
مِنْ الأَنْصَارِ فَقَالَ: إلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: «فَرَجَمَهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ والدراقطني، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
٤٠٥٢- وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلِيَّهَا، فَقَالَ: «أَحْسِنْ إلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي» . فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: نُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدَتْ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ» ؟ . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَةْ.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَحْدُودَ مُحْتَرَزٌ تُحْفَظُ عَوْرَتُهُ مِنْ الْكَشْفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute