للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحَابَةِ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ إجْمَاعًا فِعْلِيًّا، وَلَا يَبْعُد أَنْ يَكُونَ قَوْلِيًّا، عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَ الْجَائِرِينَ؛ لِأَنَّ الْأُمَرَاءَ فِي تِلْكَ الْأَعْصَارِ كَانُوا أَئِمَّةَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَكَانَ النَّاسُ لَا يَؤُمُّهُمْ إلَّا أُمَرَاؤُهُمْ فِي كُلّ بَلْدَةٍ فِيهَا أَمِيرٌ، وَكَانَتْ الدَّوْلَةُ إذْ ذَاكَ لِبَنِي أُمَيَّةَ وَحَالُهُمْ وَحَالُ أُمَرَائِهِمْ لَا يَخْفَى. إِلِى أَنْ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ، وَأَنَّ كُلّ مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ صَحَّتْ لِغَيْرِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ إنَّمَا هُوَ فِي صِحَّةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ مَنْ لَا عَدَالَةَ لَهُ، وَأَمَّا أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.

قَوْله: «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا، وَلَا أَعْرَابِيُّ مُهَاجِرًا» . قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ أَنَّهُ لَا يَؤُمّ الْأَعْرَابِيُّ الَّذِي لَمْ يُهَاجِر بِمَنْ كَانَ مُهَاجِرَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُهَاجِرَ أَوْلَى مِنْ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ فِي الْهِجْرَةِ، وَمِمَّنْ لَمْ يُهَاجِرْ أَوْلَى بِالْأَوْلَى.

بَابُ مَا جَاءَ فِي إمَامَةِ الصَّبِيِّ

١٤٣٣- عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَادَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ ... النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِينَ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

١٤٣٤- وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ، قَالَ فِيهِ: كُنْتُ أَؤُمّهُمْ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ.

١٤٣٥- وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ فِيهِ: وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. وَأَحْمَدُ وَلَمْ يَذْكُرْ سِنَّهُ.

١٤٣٦- وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إلَّا كُنْتُ إمَامَهُمْ إلَى يَوْمِي هَذَا.

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>