للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتٍ وَأَصْلُ الْغِبِّ فِي إيرَادِ الإِبِلِ أَنْ تَرِدَ الْمَاءَ يَوْمًا وَتَدَعَهُ يَوْمًا. وَفِي الْقَامُوسِ: الْغِبُّ فِي الزِّيَارَةِ أَنْ تَكُونَ كُلَّ أُسْبُوعٍ وَمِنْ الْحُمَّى مَا تَأْخُذُ يَوْمًا وَتَدَعُ يَوْمًا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الاشْتِغَالِ بِالتَّرْجِيلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ لأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ التَّرَفُّهِ. وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الإِرْفَاهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَمَرَهُ أَنْ يُحْسِنَ إلَيْهَا وَأَنْ يَتَرَجَّلَ كُلَّ يَوْمٍ) . قَالَ الشَّارِحُ: الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ كُلُّهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي جُمَّةً أَفَأُرَجِّلُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ وَأَكْرِمْهَا» . فَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ رُبَّمَا دَهَنَهَا فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نَعَمْ وَأَكْرِمْهَا» . وَعَلَى هَذَا فَلا يُعَارِضُ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ التَّرَجُّلِ إلا غِبًّا لأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ مُجَرَّدُ الإِذْنِ بِالتَّرْجِيلِ وَالإِكْرَامِ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقَزَعِ وَالرُّخْصَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ

٢١٢ - عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْقَزَعِ، فَقِيلَ لِنَافِعٍ: مَا الْقَزَعُ؟ قَالَ: أَنْ يُحْلَقَ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكَ بَعْضٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

٢١٣- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَتَرَكَ بَعْضَهُ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: «احْلِقُوا كُلَّهُ أَوْ ذَرُوا كُلَّهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

٢١٤- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ: «لا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ اُدْعُوا لِي بَنِي أَخِي» . قَالَ: فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّنَا أَفْرُخٌ فَقَالَ: «اُدْعُوا لِي الْحَلاقَ» . قَالَ: فَجِيءَ بِالْحَلاقِ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْحِكْمَةُ فِي كَرَاهَةِ الْقَزَعِ أَنَّهُ يُشَوِّهُ الْخَلْقَ؛ وَقِيلَ: لأَنَّهُ زِيُّ أَهْلِ الشِّرْكِ. وَقِيلَ: لأَنَّهُ زِيُّ الْيَهُودِ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>