للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلا مُبَادِرٍ وَلا مُتَأَثِّلٍ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ.

وَلِلأَثْرَمِ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُزَكِّي مَالَ الْيَتِيمِ وَيَسْتَقْرِضُ مِنْهُ وَيَدْفَعُهُ مُضَارَبَةً.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالآيَةُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانَ فَقِيرًا وَوُجُوبِ الاسْتِعْفَافِ إذَا كَانَ غَنِيًّا، وَالظَّاهِرُ مِنْ الآيَةِ وَالْحَدِيثِ جَوَازُ الأَكْلِ مَعَ الْفَقْرِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلا تَبْذِيرٍ وَلا تَأَثُّلٍ، وَالإِذْنُ بِالأَكْلِ يَدُلُّ إطْلاقُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ عِنْدَ التَّمَكُّنِ.

قَوْلُهُ: (إنَّهُ كَانَ يُزَكِّي مَالَ الْيَتِيمِ) إلى آخره، فِيهِ أَنَّ وَلِيَ الْيَتِيمِ يُزَكِّي مَالَهُ وَيُعَامِلُهُ بِالْقَرْضِ وَالْمُضَارَبَةِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ

بَابُ مُخَالَطَةِ الْوَلِيِّ الْيَتِيمَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

٣٠٠٦- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} عَزَلُوا أَمْوَالَ الْيَتَامَى حَتَّى جَعَلَ الطَّعَامُ يَفْسُدُ، وَاللَّحْمُ يُنْتِنُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ} قَالَ: «فَخَالَطُوهُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيَّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُخَالَطَةُ أَنْ تَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِكَ وَتَأْكُلَ مِنْ قَصْعَتِهِ وَيَأْكُلَ مِنْ قَصْعَتِكَ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ، مَنْ يَتَعَمَّدُ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ وَمَنْ يَتَجَنَّبُهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمُرَادُ بِالْمُخَالَطَةِ أَنْ يَكُونَ الْيَتِيمُ بَيْنَ عِيَالِ الْوَالِي عَلَيْهِ فَيَشُقَّ عَلَيْهِ إفْرَازُ طَعَامِهِ، فَيَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ كَافِيهِ بِالتَّحَرِّي فَيَخْلِطَهُ بِنَفَقَةِ عِيَالِهِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ قَدْ تَقَعُ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ خَشُوا مِنْهُ فَوَسَّعَ اللَّهُ لَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>