بَابُ مَنْ حَرَّمَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ
٣٧٦٢- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي جَعَلْت امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا، فَقَالَ: كَذَبْت، لَيْسَتْ عَلَيْك بِحَرَامٍ، ثُمَّ تَلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} عَلَيْكَ أَغْلَظُ الْكَفَّارَةِ عِتْقُ رَقَبَةٍ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
٣٧٦٣- وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ حَتَّى حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلَى آخِرِ الآيَةِ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى أَقْوَالٍ: الْمَذْهَبُ الأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ لَغْوٌ وَبَاطِلٌ لا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ مَسْرُوقٌ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَدَاوُد وَجَمِيعُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْمَالِكِيَّةِ، وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ. الْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّهَا ثَلاثُ تَطْلِيقَاتٍ. الثَّالِثُ: أَنَّهَا بِهَذَا الْقَوْلِ حَرَامٌ عَلَيْهِ. الرَّابِعُ: الْوَقْفُ فِيهَا. الْخَامِسُ: إنْ نَوَى بِهِ الطَّلاقَ فَهُوَ طَلاقٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ كَانَ يَمِينًا، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ الْحَسَنِ، وَحَكَاهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ النَّخَعِيّ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلاقِ فَإِنْ نَوَاهُ كَانَ طَلاقًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ كَانَ يَمِينًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلَى قَوْلِهِ: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} . السَّادِسُ: أَنَّهُ إنْ نَوَى الثَّلاثَ فَثَلاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ كَذْبَةٌ لا شَيْءَ فِيهَا، قَالَهُ سُفْيَانُ: وَحَكَاهُ النَّخَعِيّ عَنْ أَصْحَابِهِ. السَّابِعُ: مِثْلُ هَذَا إلا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} فَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلاقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا. الثَّامِنُ: مِثْلُ هَذَا إلا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ بَائِنًا. التَّاسِعُ: أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: صَحَّ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute