للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «الْعُمْرَى» مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعُمْرِ وَهُوَ الْحَيَاةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ الدَّارَ وَيَقُولُ لَهُ: أَعْمَرْتُك إيَّاهَا. أَيْ أَبَحْتُهَا لَك مُدَّةَ عُمْرِكَ وَحَيَاتِكَ، فَقِيلَ لَهَا: (عُمْرَى) لِذَلِكَ، وَ (الرُّقْبَى) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ، لأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْقُبُ الآخَرَ مَتَى يَمُوتُ لِتَرْجِعَ إلَيْهِ، وَكَذَا وَرَثَتُهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ هَذَا أَصْلُهَا لُغَةً قَالَ فِي الْفَتْحِ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْعُمْرَى إذَا وَقَعَتْ كَانَتْ مِلْكًا لِلآخَرِ وَلا تَرْجِعُ إلَى الأَوَّلِ إلا إذَا صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَإِلَى أَنَّهَا صَحِيحَةٌ جَائِزَةٌ. وَقَدْ

حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ ثَلاثَةُ أَحْوَالٍ: الأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ: أَعْمَرْتُكَهَا وَيُطْلِقُ، فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُؤَبَّدَةِ لا تَرْجِعُ إلَى الْوَاهِبِ، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ. الثَّانِي أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَك مَا عِشْتَ فَإِذَا مِتَّ رَجَعَتْ إلَيَّ، فَهَذِهِ عَارِيَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ تَرْجِعُ إلَى الْمُعِيرِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُعْمَرِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك. أَوْ يَأْتِي بِلَفْظٍ يُشْعِرُ بِالتَّأْبِيدِ، فَهَذِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. انتهى مُلَخَّصًا.

قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَتَصِحُّ الْعُمْرَى وَتَكُونُ لِلْمُعَمِّرُ وَلِوَرَثَتِهِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُعَمِّرُ عَوْدهَا إِلَيْهِ فَيَصِحُّ الشَّرْطَ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدٍ، وَلا يَدْخُلُ الزَّوْجَانِ فِي قَوْلِهِ وَلِعَقِبِكَ. انْتَهَى.

بَابُ مَا جَاءَ فِي تصرف الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا وَمَالِ زَوْجِهَا

٣٢٣٧- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَجْرِ بَعْضٍ شَيْئًا» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

٣٢٣٨- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

٣٢٣٩- وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - مَوْقُوفًا - فِي الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>