بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قُلْتُ: وَمَا قَوْلُكَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّدٌ، هَذَا مُحَمَّدٌ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنْ الْبُيُوتِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَيْهِ رَكِبَ، وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَا دَلِيلَ فِي طَوَافِهِ - صلى الله عليه وسلم - رَاكِبًا عَلَى جَوَازِ الطَّوَافِ رَاكِبًا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ إلَّا أَنَّ الْمَشْيَ أَوْلَى، قَالَ: وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ الْمَنْعُ لِأَنَّ طَوَافَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَكَذَا أُمُّ سَلَمَةَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُحَوَّطَ الْمَسْجِدُ.
قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ) إلَى آخِرِهِ. فِيهِ بَيَانُ الْعِلَّةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا طَافَ - صلى الله عليه وسلم - رَاكِبًا.
قَوْلُهُ: (صَدَقُوا وَكَذَبُوا) إلَى آخِرِهِ. لَفْظُ أَبِي دَاوُد: قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا. قُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ، وَكَذَبُوا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلرَّاكِبِ لِعُذْرٍ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّارِحُ: يَعْنِي: نَفْيَ كَوْنِ الطَّوَافِ بِصِفَةِ الرُّكُوبِ سُنَّةً، بَلْ الطَّوَافُ مِنْ الْمَاشِي أَفْضَلُ.
بَابُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ
وَالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ بَعْدَهُمَا
٢٥٦٧، ٢٥٦٨- رَوَاهُمَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَدْ سَبَقَ
٢٥٦٩- وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا انْتَهَى إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ قَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلَّى} . فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ: فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، و {وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثُمَّ عَادَ إلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّفَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَهَذَا لَفْظُهُ.
٢٥٧٠- وَقِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: إنَّ عَطَاءَ يَقُولُ: تُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute