للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي شَيْءٌ؟ فَقَالَ لَهُ: «أَعْطِهَا دِرْعَكَ الْحُطَمِيَّةَ» . فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تَقْبِضْ مَهْرَهَا.

٣٥٦٩- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أُدْخِلَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.

قال الشارح رحمه الله تعالى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَجُوزُ الامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ مَهْرَهَا، وَكَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الامْتِنَاعُ حَتَّى يُسَمِّيَ الزَّوْجُ مَهْرَهَا. إلى أن قال: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ أَنْ يُسَلِّمَ الزَّوْجُ إلَى الْمَرْأَةِ مَهْرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلا أَعْرِفُ فِي ذَلِكَ خِلافًا.

بَابُ حُكْمِ هَدَايَا الزَّوْجِ لِلْمَرْأَةِ وَأَوْلِيَائِهَا

٣٥٧٠- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا يُكْرَمُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا يُذْكَرُ قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ وَهُوَ الْعَطَاءُ أَوْ عِدَةٍ بِوَعْدٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَذْكُورًا لِغَيْرِهَا، وَمَا يُذْكَرُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ جُعِلَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ وَلِيًّا أَوْ غَيْرَ وَلِيٍّ أَوْ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَمَالِكٌ وَالْهَادَوِيَّةُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ ذَكَرَ قَبْلَ الْعَقْدِ لِغَيْرِهَا اسْتَحَقَّهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا سَمَّى لِغَيْرِهَا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ فَاسِدَةً وَتَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: «وَأَحَقُّ مَا يُكْرَمُ عَلَيْهِ» . إلى آخره فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صِلَةِ أَقَارِبِ الزَّوْجَةِ وَإِكْرَامِهِمْ وَالإِحْسَانِ إلَيْهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ حَلالٌ لَهُمْ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الرُّسُومِ الْمُحَرَّمَةِ إلا أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ التَّزْوِيجِ إلا بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>