يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتَهُ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَرْشَ الْمَرْأَةِ يُسَاوِي أَرْشَ الرَّجُل فِي الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لا يَبْلُغُ أَرْشُهَا إلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ وَفِيمَا بَلَغَ أَرْشُهُ إلَى مِقْدَارِ الثُّلُثِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ يَكُون أَرْشُهُ فِيهِ كَنِصْفِ أَرْشِ الرَّجُلِ لِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَرَوَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَذْكُرُ أَنَّهُ السُّنَّةُ وَكُنْت أُتَابِعُهُ عَلَيْهِ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ عَلِمْت أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ سُنَّةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَرَجَعْت عَنْهُ قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ كَانَ مَا أَفْتَى بِهِ سَعِيدٌ مَفْهُومًا مِنْ مِثْل حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَإِنْ كَانَ حَفِظَ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ مِنْ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا فَإِنْ أَرَادَ سُنَّةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ وَإِنْ أَرَادَ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - فَنَعَمْ، وَلَكِنْ مَعَ الِاحْتِمَالِ لا يَنْتَهِضُ إطْلاقُ تِلْكَ السُّنَّةِ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُرْسَلُ لا
تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، فَالأَوْلَى أَنْ يُحْكَمَ فِي الْجِنَايَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ بِمِثْلِ أَرْشِ الرَّجُلِ فِي الثُّلُثِ فَمَا دُونَ، بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ يَحْكُمُ بِتَنْصِيفِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ لِئَلا يَتَقَحَّمَ الإِنْسَانُ فِي مَضِيقٍ مُخَالِفٍ لِلْعَدْلِ وَالْعَقْلِ وَالْقِيَاسِ بِلا حُجَّةٍ نَيِّرَةٍ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابِ دِيَةِ الْجَنِين ِ
٣٩٨٧- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ - سَقَطَ مَيِّتًا - بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
٣٩٨٨- وَفِي رِوَايَةٍ: اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ.
٣٩٨٩- وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِي إمْلاصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute