الْجَنَّةِ: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} . وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ مُخْتَصٌّ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُسْتَدِلًّا بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْمُخَصِّصُ. وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الصِّغَارِ أَيْضًا هَلْ يَحْرُمُ إلْبَاسُهُمْ الْحَرِيرَ أَمْ لا؟ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى التَّحْرِيمِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلْإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» . قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِلْجَمَاهِيرِ الْقَائِلِينَ بِتَحْرِيمِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ وَتَحْلِيلِهِمَا لِلنِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: (حُلَّةٌ) قََالَ فِي الْقَامُوسِ: الْحُلَّةُ: إزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَلَا تَكُونُ حُلَّةٌ إلَّا مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَوْبٍ لَهُ بِطَانَةٌ.
قَوْلُهُ: (سِيَرَاءُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: كَعِنَبَاءٍ، نَوْعٌ مِنْ الْبُرُودِ فِيهِ خُطُوطٌ صَفْراء وَيُخَالِطُهُ حَرِيرٌ. وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هِيَ بُرُودٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْقَزِّ، وَقِيلَ: هِيَ حَرِيرٌ مَحْضٌ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَشُوبِ بِالْحَرِيرِ إنْ كَانَتْ السِّيَرَاءُ تُطْلَقُ عَلَى الْمَخْلُوطِ بِالْحَرِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَرِيرُ الْخَالِصُ كَمَا قَالَهُ الْبَعْضُ فَلَا إشْكَالَ. وَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الْخَالِصُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّمَا نَهَى عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ. وَسَيَأْتِي وَسَتَعْرِفُ مَا هُوَ الْحَقُّ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَحِلُّ مِنْ الْمَشُوبِ.
بَابٌ فِي أَنَّ افْتِرَاشَ الْحَرِيرِ كَلُبْسِهِ
٧٠٢- عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
٧٠٣- وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الْمَيَاثِرِ، (وَالْمَيَاثِرُ: قِسِيٌّ كَانَتْ تَصْنَعُهُ النِّسَاءُ لِبُعُولَتِهِنَّ عَلَى الرَّحْلِ كَالْقَطَائِفِ مِنْ الْأُرْجُوَانِ) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْجُلُوسِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute