قَوْلُهُ: «وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» قَالَ الشَّارِحُ: إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ: تَوْفِيرُهَا، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «وَفِّرُوا اللِّحَى» . وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْفُرْسِ قَصُّ اللِّحْيَةِ فَنَهَى الشَّارِعُ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِإِعْفَائِهَا. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَقَصِّهَا وَتَحْرِيفِهَا. وَأَمَّا الأَخْذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا فَحَسَنٌ. وَتُكْرَهُ الشُّهْرَةُ فِي تَعْظِيمِهَا كَمَا تُكْرَهُ فِي قَصِّهَا وَجَزِّهَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُحِدَّ بِحَدٍّ بَلْ قَالَ: لا يَتْرُكُهَا إلَى حَدِّ الشُّهْرَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا، وَكَرِهَ مَالِكٌ طُولَهَا جِدًّا. وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّ بِمَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ فَتزَالُ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ الأَخْذَ مِنْهَا إلا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
قَوْلُهُ: «وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ» أَي عُقَد الأَصَابِعِ وَمَعَاطِفُهَا.
قَوْلُهُ: (وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إلا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ) قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا شَكٌّ مِنْهُ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَعَلَّهَا الْخِتَانُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْخَمْسِ الأُولَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ سُنَّةٌ، وَرُوِيَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: «عَشْرٌ مِنْ السُّنَّةِ» وَرَدَّهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ: «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» . قَالَ: بَلْ وَلَوْ وَرَدَ
بِلَفْظِ (مِنْ السُّنَّةِ) لَمْ يَنْتَهِضْ دَلِيلاً عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لأَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَة لا السُّنَّةُ بِالْمَعْنَى الاصْطِلاحِيِّ.
بَابُ الْخِتَانِ
١٨٧- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اخْتَتَنَ إبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ مَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ» . مُتَّفَق عَلَيْهِ إلا أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَذْكُرْ السِّنِينَ.
١٨٨- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ وَكَانُوا لا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
١٨٩- وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْت، قَالَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ» يَقُولُ: احْلِقْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute