للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالسَّوَاءِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا إذَا انْفَرَدَتْ عَنْ الْجَيْشِ قِطْعَةٌ فَغَنِمَتْ شَيْئًا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ لِلْجَمِيعِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْجَيْشَ الْقَاعِدَ فِي بِلادِ الإِسْلامِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَإِنَّمَا قَالُوا: هُوَ بِمُشَارَكَةِ الْجَيْشِ لَهُمْ إذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ يَلْحَقُهُمْ عَوْنُهُ وَغَوْثُهُ لَوْ احْتَاجُوا. انْتَهَى ملخصًا.

قَوْلُهُ: (فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فُوَاقٍ) أَيْ قَسَمَهَا بِسُرْعَةٍ فِي قَدْرِ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: «هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ» قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَنَّ الضُّعَفَاءَ أَشَدُّ إخْلاصًا فِي الدُّعَاءِ وَأَكْثَرُ خُشُوعًا فِي الْعِبَادَةِ لِخَلاءِ قُلُوبِهِمْ عَنْ التَّعَلُّقِ بِزُخْرُفِ الدُّنْيَا. وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: أَرَادَ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ حَضَّ سَعْدٍ عَلَى التَّوَاضُعِ وَنَفْيِ الزَّهْوِ عَلَى غَيْرِهِ.

بَابُ جَوَازِ تَنْفِيلِ بَعْضِ الْجَيْشِ لِبَأْسِهِ وَغِنَائِهِ

أَوْ تَحَمُّلِهِ مَكْرُوهًا دُونَهُمْ

٤٣١٤- عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ - وَذَكَرَ قِصَّةَ إغَارَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيِّ عَلَى سَرْحِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتِنْقَاذَهُ مِنْهُ- قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

«كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ» . قَالَ: ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَهْمَ الْفَارِسِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ فَجَعَلَهُمَا لِي جَمِيعًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِم وَأَبُو دَاوُد.

٤٣١٥- وَعَنْ سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: جِئْت إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ - بِسَيْفٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ اللهَ قَدْ شَفَى صَدْرِي الْيَوْمَ مِنْ الْعَدُوِّ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ، فَقَالَ: «إنَّ هَذَا السَّيْفَ لَيْسَ لِي وَلا لَكَ» . فَذَهَبْتُ وَأَنَا أَقُولُ: يُعْطَاهُ الْيَوْمَ مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلائِي، فَبَيْنَا أَنَا إذْ جَاءَنِي رَسُولُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَجِبْ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ نَزَلَ فِي شَيْءٌ بِكَلامِي فَجِئْتُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّكَ سَأَلْتَنِي هَذَا السَّيْفَ وَلَيْسَ هُوَ لِي وَلا لَكَ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُ لِي فَهُوَ لَكَ، ثُمَّ قَرَأَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} » . إلَى آخِرِ الآيَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

<<  <  ج: ص:  >  >>