لَهَا مِنْ بَابِ الْعُمَالَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ يَمْنَعُ جَعْلَ الْعَامِلِ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى.
قَوْلُهُ: «إنَّ الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَقَّرًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» . قَالَ الشَّارِحُ: وَمَعْنَى الْمُشَارَكَةِ أَنَّ لَهُ أَجْرًا كَمَا أَنَّ لِصَاحِبِهِ أَجْرًا. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَيَدْخُلُ فِي الْخَازِنِ مَنْ يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ، عَلَى عِيَالِهِ مِنْ وَكِيلٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَغُلَامٍ، وَمَنْ يَقُومُ عَلَى طَعَامِ الضِّيفَانِ.
قَوْلُهُ: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ» . إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْعَامِلِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فَرَضَ لَهُ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ، وَأَنَّ مَا أَخَذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْغُلُولِ. قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَوَازِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ حَقَّهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، فَيَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ.
بَابُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ
٢٠٥٧- عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا عَلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ سَأَلَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِشَاءٍ كَثِيرٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ مَنْ شَاءِ الصَّدَقَةِ، قَالَ: فَرَجَعَ إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
٢٠٥٨- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا، فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَوَاَللَّهِ إنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَاَلَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنِّي أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إلَى مَا جُعِلَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْغِنَى وَالْخَيْرِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ» . فَوَاَللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute