٢٠٥٣- وَعَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ وَالْفَضْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ انْطَلَقَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْنَاكَ لَتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُصِيبُ مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَنُؤَدِّي إلَيْكَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، فَقَالَ: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» . مُخْتَصَرٌ لِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ.
٢٠٥٤- وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: «لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» .
٢٠٥٥- وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَقَّرًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٢٠٥٦- وَعَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَعَمَّلَنِي) . بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلٍ وَجَعَلَ لِي عُمَالَةً. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَمَلَ السَّاعِي سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ، وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَوَى التَّبَرُّعَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْعَامِلِ يَطِيبُ لَهُ وَإِنْ نَوَى التَّبَرُّعَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا.
قَوْلُهُ: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» . قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا بَيَانٌ لَعِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَالْإِرْشَادِ إلَى تَنَزُّهِ الْآلِ عَنْ أَكْلِ الْأَوْسَاخِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ أَوْسَاخًا لِأَنَّهَا مُطَهِّرَةٌ لِأَمْوَالِ النَّاسِ وَنُفُوسِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} . فَذَلِكَ مِنْ التَّشْبِيهِ، وَفِيهِ إِشَارَة إلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَى الْآلِ إنَّمَا هُوَ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا تَطْهِيرُ الْمَالِ. وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَنَقَلَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ أَنَّهَا تَحِلُّ، وَتَحِلُّ لِلْآلِ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُمْ وَلَوْ كَانَ أَخْذُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute