نِسَاءً مِنْ عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَبْكِينَ عَلَى هَلْكَاهِنَّ، فَقَالَ: «ولَكِنْ حَمْزَةُ لَا بَوَاكِيَ لَهُ» . فَجِئْنَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ عِنْدَهُ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «وَيْحَكُنَّ أَنْتُنَّ هَا هُنَا تَبْكِينَ حَتَّى الْآنَ، مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
١٩٤١- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ: «غُلِبْنَا عَلَيْك يَا أَبَا الرَّبِيعِ» . فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِّنُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» . قَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْمَوْتُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ حَمْزَةُ لَا بَوَاكِيَ لَهُ) . هَذِهِ الْمَقَالَةُ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَدَمِ إنْكَارِهِ لِلْبُكَاءِ الْوَاقِعِ مِنْ نِسَاءِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ هَلْكَاهُنَّ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُجَرَّدِ الْبُكَاءِ. وَقَوْلُهُ: «وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ» . ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مِنْ مُطْلَقِ الْبُكَاءِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ: «فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» . وَذَلِكَ يُعَارِضُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ مِنْ الْإِذْنِ بِمُطْلَقِ الْبُكَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ. إِلِى أَنْ قَالَ: فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ النَّهْيِ عَنْ الْبُكَاءِ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا بِبُعْدِ الْمَوْتِ عَلَى الْبُكَاءِ الْمُفْضِي إلَى مَا لَا يَجُوزُ مِنْ النَّوْحِ وَالصُّرَاخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْإِذْنُ بِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْبُكَاءِ الَّذِي هُوَ دَمْعُ الْعَيْنِ وَمَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ مِنْ الصَّوْتِ. وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الْجَمْعِ قَوْلُهُ: «وَلَكِنْ نَهَيْت عَنْ صَوْتَيْنِ أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان» . الحديث. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ النَّهْيِ عَنْ النِّيَاحَةِ وَالنَّدْبِ وَخَمْشِ الْوُجُوهِ
وَنَشْرِ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ الرُّخْصَةُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ مِنْ صِفَةِ الْمَيِّتِ
١٩٤٢- عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ» .
١٩٤٣- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute