للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَهَا السُّكْنَى. وَاحْتَجُّوا لإِثْبَاتِ السُّكْنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} وَلإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ بِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . وَذَهَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ} الآيَةِ وَذَهَبَ الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَى أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ دُونَ السُّكْنَى. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ... {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} وَبِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَائِنًا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِ الزَّوْجِ. وأرجح هذه الأقوال الأول. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قوْلُهُ: (وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ فَأَذِنَ لَهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا الِانْتِقَالُ مِنْ الْمَنْزِلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلاقُ وهي فِيهِ، فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يَخْرُجْنَ} وَلا يُعَارِضُ هَذَا حَدِيثُ الْفُرَيْعَةِ لأَنَّهُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ.

بَابُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ

٣٨٣١- عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: أَتَيْت النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْت: إنَّ زَوْجِي فُلانًا أَرْسَلَ إلَيَّ بِطَلاقٍ، وَإِنِّي سَأَلْت أَهْلَهُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى فَأَبَوْا عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ أَرْسَلَ إلَيْهَا بِثَلاثِ تَطْلِيقَاتٍ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

٣٨٣٢- وَفِي لَفْظٍ: «إنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا مَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَلا نَفَقَةَ وَلا سُكْنَى» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ لِلْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا لِمَنْ عَدَاهَا إلا إذَا كَانَتْ حَامِلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>