للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي بَقِيَّةِ الْكَبَائِرِ وَهُوَ فِي الْمَشِيئَةِ، قَالَ: وَجَائِزٌ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ بِالْعَفْوِ ثُمَّ لا يَشْرَبُ فِيهَا خَمْرًا وَلا تَشْتَهِيهَا نَفْسُهُ. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ» . قَالَ: لظَاهِرُ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الْجَنَّةِ وَلا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِيهَا لأنَّه استعجل مَا أُمِرَ بِتَأْخِيرِهِ، وَفَصَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ مَنْ شَرِبَهَا مُسْتَحِلاً فَهُوَ الَّذِي لا يَشْرَبُهَا أَصْلاً، وَمَنْ شَرِبَهَا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلافِ، وَهُوَ الَّذِي يُحْرَمُ شُرْبُهَا مُدَّةً، أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ ذَاكَ جَزَاؤُهُ إنْ جُوزِيَ.

قَوْلُهُ: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ» هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ، لأنَّ عَابِدَ الْوَثَنِ أَشَدُّ الْكَافِرِينَ كُفْرًا، فَالتَّشْبِيهُ لِفَاعِلِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ بِفَاعِلِ الْعِبَادَةِ لِلْوَثَنِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُبَالَغَةِ وَالزَّجْرِ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.

قَوْلُهُ: (وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ) إلَى آخْره، هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه -: دَعَانَا رَجُلٌ مِنْ الأنْصَارِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ فَحَضَرَتْ صَلاةُ الْمَغْرِبِ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ فَقَرَأَ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فَأُلْبِسَ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ ... {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ.

بَابُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَمْرُ وَأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ

٤٧٠٧- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةُ، وَالْعِنَبَةُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا الْبُخَارِيَّ.

٤٧٠٨- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ وَالْخَمْرُ يَوْمَئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

٤٧٠٩- وَفِي لَفْظٍ قَالَ: حُرِّمَتْ عَلَيْنَا حِينَ حُرِّمَتْ وَمَا نَجِدُ خَمْرَ الأعْنَابِ إِلا قَلِيلاً وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

٤٧١٠- وَفِي لَفْظٍ: لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي حَرَّمَ فِيهَا الْخَمْرَ وَمَا فِي الْمَدِينَةِ شَرَابٌ إِلا مِنْ تَمْرٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>