وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ. رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَقَدَّمُونِي) فِيهِ جَوَازُ إمَامَةِ الصَّبِيِّ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مَا فِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» . مِنْ الْعُمُومِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ فِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَأُجِيبُ بِأَنَّ إمَامَتَهُ بِهِمْ كَانَتْ حَالَ نُزُولِ الْوَحْيِ، وَلَا يَقَعُ حَالُهُ التَّقْرِيرِ لِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى الْخَطَأِ، وَلِذَا اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ: كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. وَأَيْضًا الَّذِينَ قَدَّمُوا عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ كَانُوا كُلُّهُمْ صَحَابَةً. إِلِى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا الْقَدْحُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِيهِ كَشْفَ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَجُوز، فَهُوَ مِنْ الْغَرَائِبِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرِّجَالَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَاقِدِي أُزُرِهِمْ، وَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ: لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا. زَادَ أَبُو دَاوُد: مِنْ ضِيقِ الْأُزُرِ.
بَابُ اقْتِدَاءِ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ
١٤٣٧- عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: مَا سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَفَرًا إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ زَمَنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ائْتِمَامِ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْعَكْسِ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَيَدُلُّ لِلْجَوَازِ مُطْلَقًا مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ: «مَا بَالُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إذَا انْفَرَدَ وَأَرْبَعًا إذَا ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ؟ فَقَالَ: تِلْكَ السُّنَّةُ» . وَفِي لَفْظٍ: تِلْكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute