قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاةِ عَلَى السِّقْطِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْفُقَهَاءُ، وَلَكِنَّهَا إنَّمَا تُشْرَعُ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَهَلَّ، وَالِاسْتِهْلَالُ: الصِّيَاحُ أَوْ الْعُطَاسُ أَوْ حَرَكَةٌ يُعْلَمُ بِهَا حَيَاةُ الطِّفْلِ. وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الِاسْتِهْلَالِ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ: إذَا اسْتَهَلَّ السِّقْطُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّمَا يُغَسَّلُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إذْ يَكْتُبُ فِي الْأَرْبَعِينَ الرَّابِعَةُ رِزْقُهُ وَأَجَلُهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْحَيِّ وَقَدْ رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ فَقَالَ: قُلْتُ وَإِنَّمَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَأَمَّا إنْ سَقَطَ لِدُونِهَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَيِّتٍ إذْ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ رُوحٌ.
١٨١٥- وَأَصْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: «إنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنَ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ يَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تَرْكُ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَالِّ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ
١٨١٦- عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ تُوُفِّيَ بِخَيْبَرَ، وَأَنَّهُ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الْقَوْمِ
لِذَلِكَ؛ فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِهِمْ قَالَ: إنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.
١٨١٧- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَقَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ) . فِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى الْعُصَاةِ. وَأَمَّا تَرْكُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ لِلزَّجْرِ عَنْ الْغُلُولِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute